الأربعاء، 4 نوفمبر 2009

الحلقة الثانية من مذكرات عماني أدمن حتى رحل!

طريق الشيطان .. الرحلة المميتة
عشت في سجن الرميس 6 سنوات ولا أحد يعرف قيمة الحرية سوى السجين
بعد 8 أشهر من خروجي تلاعب الشيطان في أفكاري ... فعدت إلى الإدمان مرة أخرى
المدمنون دائما لا يستقرون في عمل
اقترضت 3 آلاف ريال من البنك .. ثم 7 آلاف ريال ذهبت جميعها للمخدرات


خلال عامي 2007 و 2008 تعرضت لـ7 حوادث مرورية مميتة
غالبية من تعاطيت معهم ماتوا ودفنوا تحت التراب
الذي اقنعني باستعمال الهيروين توفي بجرعة زائدة في أحد المجمعات التجارية داخل احدى دورات المياه
بعض الأحداث لا أتذكرها أبــدا
والدتي كانت دائما الباكية على حاليّ
أتذكر أهلي وهم يبكون عليّ في قسم الطوار لأنهم كانوا يعتقدون أني مت
عودات إلى السجن مرة أخرى وبعد خروجي أقمت 40 يوميا في ابن سينا
عادت روحي من جديد في ابن سينا .. وخرجت معافي بصحة جديدة.
الشيطان عاد إلـيّ بعد علاجي فحقنتن نفسي بحرعة زائدة حتى فقدت الوعي
حاولت الأعتداء على أخي بسبب المال لكن السكين اصطدمت بزجاج سيارته.





يعرضها لكم : زاهر العبري:
تواصل (الزمن) اليوم عرض الحلقة الثانية من (الزمن) بنشر تفاصيل من مذكرات واقعية لمدمن مخدرات سابق ، شاءت الأقدار أن ينتقل الى جوار ربه في ابريل الماضي .. وذلك بعد أن كتبها من وحي ما عاشه في حياته ، وذلك ليبث عبرها رسالة (توعية) للسالكين درب الإدمان ..

الفصل الثاني
عرض كاتب المذكرات في الفصل الثاني من قصته (هل من معتبر؟) ، حجم ما يعانيه عالم التعاطي من آلام ، جرت الكثير وراءها بسيل من العقوبات وآخرين خلف وحل العمر وأسوار الرحيل البائس .. يكمل (رحمه الله) فصول الحكاية حيث يقول:
(مكثت في السجن سبع سنوات وشملني العفو .. خرجت من السجن في عام 2005م ورجعت إلى أهلي بعد هذه السنين الطويلة .. صدقوني لا أحد يعلم بقيمة الحرية أكثر مما يعلمها السجين)

عودة
استقراء الإرادة عبر مساحات الوعي حل ناجع في مواسم الشوق والرغبة الى سموم الجسد اللاواعي بما يدور فيه من تطورات قد تكون مغفورة في اللاحق من عمر ..

يقول (رحمه الله) :
(بعد 8 أشهر من خروجي من السجن بدأ الشيطان يتلاعب في أفكاري .. والخطأ الذي ارتكبته هو أنني سمحت للشيطان بأن يدخل في أفكاري من جديد .. كان بإمكاني أن أغير أفكاري وأستغفر الله وأتوب إليه وأتذكر السنين التي قضيتها خلف القضبان في سجن الرميس بولاية بركاء .. لكن صدقوني : لم تكن هناك نية صادقة وعزيمة قوية بأن أترك هذه السموم ، لذلك عدت للإدمان مرة أخرى .. بعد هذا حصلت على عمل وعملت "مكرها" وأنا مدمن .. عملت من أجل المال .. داومت على العمل مدة شهرين .. وتم فصلي والسبب الإدمان والغياب الكثير والحالة التي أذهب بها إلى العمل والتي لم تكن طبيعية كحال أي مدمن .. المدمنون دائما هكذا لا يستطيعون أن يستقروا في عمل واحد .. تجدهم دائما مشتتي الأفكار .. غير مرتاحي البال .. يغضبون لأتفه الأمور .. ولا يستطيعون أن يكونوا مستقبلهم ولا أن يتزوجوا ويبنون استقرارا أسريا .. )

نصيحة .. ولكن!!
تواطأ مع الأيام .. ومر بكل دروب الحزن .. في وقت كان الأهل في أمس الحاجة له .. نسي فجأة كل ذلك الحنين حين أحس بلمسات تدعوه لخط أخضر مختصره العودة للطبيعة .. يقول (المرحوم) :
(نصحني أهلي بعد ذلك بالعلاج من الإدمان .. ذهبنا أنا وأخي الي إحدى المستشفيات الخاصة.. وهناك تقابلت مع أحد الأطباء المختصين في هذه الأمور .. شرحت له حالتي وكيف بدأت في الإدمان .. فقام بصرف علاج لي يساعدني في حياتي اليومية .. وبعد أسبوع ذهبنا إليه على حسب الموعد والأسبوع الثالث كذلك .. وما هي إلا أيام قليلة لم أشعر خلالها إلا وأنا مدمن من جديد .. ومرة أخرى وقف أهلي معي ونصحوني بالعلاج .. وذهبنا أنا وأخي "الذي هو دائما بجانبي" الي إحدى العيادات وهناك تقابلت مع أحد الأخصائيين .. ومن جديد شرحت له حالتي .. فقام بصرف العلاج لي وظللت مستمرا في تلقي العلاج .. وتقابلت معه عدة مرات .. ولكن دون جدوى لأني عدت بعدها للإدمان .. وهكذا رجعت إلى عادتي .. كنت أطلب المال من أهلي بإصرار لأشتري تلك السموم .. الى أن حصلت بعدها على عمل وأخذت قرضا من البنك قيمته 3 آلاف ريال وبعد فترة قصيرة أخذت قرضا آخر قيمته 7 آلاف ريال .. ذهبت جميعها الى المخدرات .. وبعد ذلك تم فصلي من العمل مع كل ديوني .. وعدت للبيت .. فهل تتوقعون مني بعد كل ما حصل أن أقلع عن تعاطي المخدرات ؟ )


جواب الواقع
ماذا نجد في الدنيا .. ليعجبنا .. انه ارتفاع البعد عن ثوابت القرب من الله .. بساتين تغرق من عطش السراب .. تموت رويدا حتى تنضج فيها مواسم الطرد الروحي .. يقول:
(ما دام الشيطان كان حليفي ، لن أتوب .. في تلك الفترة لم أجد وسيلة للحصول على المال من أجل شراء المخدرات إلا بيع ممتلكاتي الخاصة إلى أن أصبحت في حالة يرثى لها.. لا مال ولا ممتلكات .. وبعدها ألقي القبض علي.. والسبب قطعا هي المخدرات .. مكثت في السجن شهرا و9 أيام .. خرجت وكالعادة دخلت في الإدمان مرة أخرى .. فلما علم أهلي بعودتي للإدمان وبعد رؤيتهم حالتي .. نصحوني بأن أدخل مستشفى ابن سينا للعلاج .. هذه المرة أختي ونسيبي ذهبا معي .. وهناك تقابلنا مع أحد الأطباء العمانيين وهو الدكتور "....." وشرحت له حالتي وكيف كانت بدايتي مع الإدمان .. و تم تنويمي داخل المستشفى 40 يوما).

تساؤل الإدمان؟
جسر حمله الى ولاية العامرات حيث يرقد مستشفاها الشهير ابن سينا .. .. كان الوضع ينبيء عن ألم في كل أسرته .. وما هم سوى الباقي من طقس الرحلة .. يقول :
(هل تعلمون ماذا حدث لي خلال الأربعين يوما في مستشفى ابن سينا؟ سأجيبكم عن سؤالي بعد ما أوضح لكم كيف كان جسمي قبل دخولي هناك .. كان جسدي نحيفا وضعيفا جدا بسبب السموم التي أتعاطاها .. ولكن بعد دخولي للعلاج وخلال فترة 40 يوما فقط والتي قضيتها هناك ، كأن روحي عادت إلى جسدي .. خرجت من مستشفى ابن سينا وأنا معافى وبصحة جيدة .. ومن ثم يرجع الشكر بعد الله إلى الدكتور "محمود" والدكتور "راشد" والدكتور "هشام" والدكتورة "مريم" و"أصيلة" وجميع الأطباء والممرضين والمضمدين .. جميعهم وقفوا معي ولا أستطيع أن أنسى معاملتهم الطيبة ، ولكن !!!)

صراع الذاكرة
حين تنساب الذاكرة على أخمص ما قد يكون شوقا .. أو حنينا .. تظهر في زواياها بقايا لرائحة شيء ما مر سريعا .. تجلبه عنوة شطحات الإبر المزروعة في منتصف يد يمنى يمنت الصلاة قبيل الرحيل الممشوق قواما.. يقول (رحمه الله):
(لكن .. الشيطان مازال في طريقي .. الشيطان الذي دفعني بعد فترة قصيرة من علاجي إلي طريق الإدمان .. لأنه لم تكن هناك نية صادقة وفي هذه الفترة .. حقنت نفسي بجرعة زائدة .. وقعت للمرة الأولى.. وأخذني أهلي إلى مستشفى خاص وأنا لا أتذكر الأحداث أبدا إلى اليوم .. لا أذكر كيف أخذني أهلي إلى المستشفى .. ولا أذكر كيف عدت الى البيت .. ولكن هناك دليل واحد، هي الأوراق التي كانت في يد والدتي الباكية على حالي .. وبعد يومين عدت للإدمان. لم أعتبر وبدون ضمير وبدون إحساس عدت مثل ماكنت أطلب المال .. وفي أحد الأيام كما أتذكر كنت أطلب من أخي مبلغا من المال .. ومن كثر طلباتي له حدث نقاش بيني وبينه لدرجة إني ذهبت إلى المكان الذي توجد به السكاكين وأخذت سكينا.. وبدون وعي وأخي جالس داخل السيارة أمام البيت .. و ولا يعلم ما في يدي ، وكنت أظن بأن نافذة السيارة مفتوحة وضربت الزجاج بأقصى قوتي لدرجة أن مقبض السكين الحديدي وقع من يدي .. والحمد لله بأن زجاج النافذة كان مغلقا ، وذهبت لأجلب سكينا أخرى ولكن الحمد لله بأني تم الإمساك بي .. و حضرت الشرطة وأخذوني معهم .. دخلت السجن كالعادة وجلست داخله 21 يوما .. وخرجت بعدما تنازل أخي عن القضية .. عدت للإدمان مرة أخرى وأطلب المال بدون ضمير وبدون خجل وفي نفس هذه الأيام كنت أحقن نفسي .. وبسبب الجرعة الزائدة وقعت مرة أخرى .. لكن الله كتب لي عمرا جديدا .. في ذلك اليوم كانت عاملة منزلنا تنظف الصالة القريبة من غرفتي ، فسمعت صوتا يخرج من الغرفة .. كان ذلك هو صوتي ، حيث كانت الشهقات الأخيرة تخرج مني.. وبأسرع ما يمكن أخبرت أهلي .. وجميعهم أتوا إلى باب غرفتي ينادون بإسمي دون فائدة فكسروا الباب ولما دخلوا .. رأوني على حالتي تلك وتم نقلي بسرعة إلى المستشفى .. توقف القلب والتنفس عندي .. أهلي جميعا يبكون علي في قسم الطوارئ لأنهم كانوا يعتقدون بأني قد مت .. ولكن بفضل الله نجوت والكدمات الكهربائية جعلت قلبي ينبض من جديد وذلك الأكسجين الذي وضع لي .. أنا لا أتذكر هذه الأحداث التي حصلت معي لأني حينها كنت فاقدا الوعي .. يقول الدكتور على حسب توقعاته بأنه لو تأخر أهلي 5 دقائق لكان إسعافي بدون فائدة .. كنت فاقدا للوعي وأذكر بأني قمت من الوعي مبهوتا ومصدوما .. لا أعلم أين أنا وقد استغربت وجود الأكسجين على فمي وأنفي والأدوات الطبية على قلبي وصدري وبطني ومرة أخرى غبت عن الوعي بعدما أعطاني الدكتور إبرة ، لكي أنام وأرتاح ، وقمت بعدها فجأة لأرى نفسي في البيت داخل غرفتي .. لا أتذكر كيف وصلت ومع كل هذا وتلك الأحداث التي حدثت معي يقول أهلي لو رأيت نفسك وأنت على تلك الحالة لتركت المخدرات نهائيا .. لكن صاحب المخدرات لا يعتبر .. لا يعتبر)
أتصدقون؟
نزع التعب .. وهادن روح الإبصار التواقة للإحساس .. أفاق ولكن الإبرة أقوى في لحظات الحرب مع الذات .. مكتوب في اول حرف سجائر .. وفي آخره هيروين .. ذلك الإلتفاف على مفردات الضعف التي أصبحت تعتري واقع لشباب وجه لهم صرخة الرحيل .. يقول :
(والله بأن الأنابيب الطبية مازالت في أنحاء جسمي وبدون إحساس وبدون ضمير عدت للإدمان ، فأين الضمير وأين الأحساس وأين المشاعر ؟.. لقد خرجت من المستشفى وأنجاني الله من الموت .. عدت وبدأت أختلق المشاكل في البيت من أجل المال .. هل تصدقون لو قلت لكم أن عاملة المنزل والتي هي سمعت شهقاتي الأخيرة ، كانت تعمل في إحدى دول الخليج وكان كفيلها مدمن ، وذات يوم سمعت شهقات من الغرفة مثل شهقاتي .. كان كفيلها يصارع الموت وذهبت وأخبرت أصحاب البيت وكسر الباب ولكنه مات قبل أن يصل الي المستشفى قبل دقائق .... فأين هو ؟ .. مات ودفن تحت التراب .. أتصدقون بأنه خلال عامي 2007 و2008 فقط حدثت لي 7 حوادث مرورية .. وكانت أسباب هذه الحوادث المخدرات ولم أعتبر من ذلك رغم أن الله نجاني من الموت نتيجة هذه الحوادث المميتة .. أتصدقون بأني خسرت في الأعوام 2006 و2007 و2008 أموالا كثيرة تعدت الأربعين ألف ريال والسبب المخدرات .. أتصدقون لو قلت لكم أنه من العام 1997 الى عام 2008 مات كثير من المدمنين من الذين أعرفهم ، ومن كثر أعداد هؤلاء الذين ماتوا لا أعلم بالضبط ولكنهم بالمئات .. ومن ضمن هؤلاء الذين توفوا أصدقائي الذين أذهب معهم وأجلس في جلساتهم ونشتري السموم سويا ، أين هم الآن؟ لقد ماتوا ودفنوا في التراب .. أتصدقون بأن ذلك المدمن الذي أقنعني باستعمال الهيروين قد مات بسبب الجرعة الزائدة ، وكانت نهايته في أحد المجمعات داخل احدى دورات المياه .. أكتشف جثته أحد العمال الوافدين الذي كان يعمل بتنظيف ومسح الحمامات حيث لفت نظره بأن أحد أبواب الحمامات كانت مغلقة لعدة ساعات وأبلغ عنه ولما أتوا أضطروا إلى كسر الباب .. أتعلمون أن في نهايته كان رأسه داخل مرحاض الحمام).

هناك تعليق واحد:

  1. من الجميل ان تعرضوا مثل هذه الحالات
    والاجمل ان يتعلم الآخرون

    ردحذف