الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

الزمن تنشر لأول مرة مذكرات عماني أدمن على المخدرات حتى رحل عن الحياة

عاش وأدمن ومات
الزمن تنشر لأول مرة مذكرات عماني أدمن على المخدرات حتى رحل عن الحياة

أرصفة الموت أكمل قصته ، هل من معتبر .. ثم فارق الحياة في اليوم التالي الإدمان بنى له عشا في الذاكرة ثم أفقس
المتوفى عرض لونا رماديا قاتما قادته غرائز حسية

الليل الآثم بالشبهات قصة الشرارة الأولى التي أشعلت الروح نحو المناطق العمياء
البداية مع التدخين ثم الحشيش
صافحت ذات مساء غرباء الحارة .. ثم دخلت في حزن جحيم الأيام
أقمت في الصحراء 3 أشهر دون تعاطي المخدرات وحينما عودت عاد اصدقاء السوء للسلام علي .. فتعاطيت الحشيش من جديد
1999 كان عاما حاسما .. قبض علي وسجنت 10 سنوات وزملائي 15 عاما

يعرضها لكم : زاهر العبري:
في سلسلة من عدة حلقات .. تقوم (الزمن) بنشر تفاصيل من مذكرات واقعية لمدمن مخدرات سابق ، شاءت الأقدار أن ينتقل الى جوار ربه في ابريل الماضي .. وذلك بعد أن كتبها من وحي ما عاشه في حياته ، وذلك ليبث عبرها رسالة (توعية) للسالكين درب الإدمان ..والسلسلة التي تنشر لأول مرة عبر الصحف المحلية عبارة عن قصص وحكايا من عالم التعاطي والسجون خطت كلماتها عبر مراحل ومواقع مختلفة معظمها كان في محافظة مسقط وبعضها الآخر في مختلف مناطق السلطنة حيث كان كاتبها يعمل ويتنقل ، كذلك كان تسجيل الحدث في أماكن التعاطي والسجون والمنزل والطرقات التي شهدت مصرع الكثير من أصدقائه ..(الزمن) تقوم بطرح ما جاء في هذه المذكرات بالتنسيق مع أهل المتوفى الذين أشاروا أن رحلة التفكير بنشر هذه المذكرات "إعلاميا" جاءت بعد انتهاء (المرحوم) من كتابتها حيث ذهب بها في نفس اليوم إلى طبيبه الخاص بمستشفى ابن سينا ، وذلك يوم السبت الموافق 11/4/2009م لكي يستشيره في قصته ويخبره بإمكانية نشرها، لعل وعسى يجد من يعتبر ، لذلك كان عنوان قصته (هل من معتبر) ، وبعد عودته ذهب لينام في غرفته .. وفي فجر يوم الأحد الموافق 12/4/2009م وجد رحمه الله وهو مفارق للحياة على فراشه .. بداية الصرخةكوادع أخير لمن أحب ترسيخ خاتمة العبرة في ذاكرته مع من جال في أرصفة التعاطي لسنوات طويلة باحثا عن نفسه خلالها عبر بوابة الإقلاع التي كلته وملته وألقت به سنوات في قارعة الحزن .. يقول المتوفى في فاتحة مذكراته :(إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد : ماذا عسانا نريد من هذه الدنيا التي هي بضع سنين ، وماذا أعددنا للآخرة التي هي أبدية الدهر .. أناديكم بكل صوتي وأصرخ وأقول هل مـن مـعتبــر ؟) بداية أولىبداية جسر الصرخة .. أو الطريق الى العالم الآخر .. حيث بنى الإدمان له عشا في ذاكرة الأرض وأفقس أوساخا شد المتوفى لها الرحال طوعا في مراحل أولى ومكرها في مراحل لاحقة .. الى أن جاءت بعدها زيارات النية على قارعة الخير الكامن في كل نفس بشرية .. وهي انتقال لصرخة أعمق قال فيها:(أين الذين عذبوا أنفسهم ؟؟ أين الذين يطعنون جلودهم بالحقن ؟؟ أين الذين يشمون بأنوفهم المخدر ؟؟ أين الذين يبلعون عشرات الحبوب ؟؟ ومع كل هذا يتعاطون الهيروين وينتحرون ؟؟ أين هم من عذاب الله ؟؟ أين هم من قوله تعالى: يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم) فاتحةالمتوفى عرض لونا رماديا قاتما قادته غرائز إشباع حسية ما لبث أن بدأ سعال إدمانها يطفو على سطح الحاجة حين قال في مذكراته التي تزاور موضع الجسد الملقى على ساجية الشوق إلى الله :(في ذلك اليوم العصيب يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من جاء ربه في الآخرة بقلب نقي طاهر سليم من الشرك والنفاق والحسد والبغضاء ، قال الله تعالى في سورة فصلت : ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون ، حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ، وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شي وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ) .. ويضيف على أعتاب الهداية التي بقيت خافتة لأعوام في رحيق التوبة الخالصة للجنة : (جاء في كتاب صفوة التفاسير .. يوم يجتمع أعداء الله المجرمون في أرض المحشر لسوقهم إلى النار يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا ويجتمعوا ... قال ابن كثير : تجمع الزبانية أولهم على آخرهم حتى يجتمع آخرهم حتى إذا وقفوا للحساب نطقت جوارحهم وشهدت عليهم بما اقترفوه من إجرام وإثم .. وفي الحديث فيختم على فيه - أي فمه - ثم يقول لجوارحه انطقي فتنطق بأعماله , ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول : بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل ، وقالوا لأعضائهم وجلودهم توبيخا وتعجبا من هذا الأمر الغريب : لم أقررتم علينا وشهدتم بما فعلنا ، وإنما كنا نجادل وندافع عنكم ؟ قالوا معتذرين : ليس الأمر بيدنا وإنما أنطقنا الله بقدرته الذي ينطق الجماد والإنسان والحيوان فشهدنا عليكم بما عملتم من القبائح وهو أوجدكم من العدم , وأحياكم بعد أن لم تكونوا شيئا فمن قدر على هذا قدر على إنطاقنا ... وإليه وحده تردون بالبعث). بداية الحدثالحدث .. شرارة أولى أشعلت مكامن الروح الساكنة في لجات من مكامن عمياء ما كانت لتغور لولا حديث العبرة التي قاد قبضتها ذات مساء في توجه المنطق من هذا الخلق الناتج عنه بقايا خير..يقول رحمه الله واصفا ثواني الرحلة الأولى للإدمان: (إني أعترف وأقول أن أول شيء بدأت به هو التدخين .، في المرحلة الإعدادية.. كنا نهرب من المدرسة .. وبعد التدخين دخلت في الحشيش .. وفشلت في دراستي والسبب تعاطي المخدرات .. نعم المخدرات طريق الشيطان المتربص بالإنسان الذي يدعوا الى السوء والشر والفساد .. قال الله تعالى في سورة النور: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر، يقول أحد العلماء ومن يتبع سيرة الشيطان وطريقته فإن الشيطان يضل الإنسان ويغويه لأنه يأمر بالفحشاء وهي ما أفرط قبحه , والمنكر وهو ما ينكره الشرع وتنفر منه العقول السليمة))زاويةالمتوفى أبوابا في زاوية العمر الآخر .. ما كنت تحسب في قاموس التقوى بمواسم ركوب قارب أضاع أمانه في عثرات البحر .. وبعد أن ذكرنا بدايته مع التعاطي في الحلقة السابقة يتواصل عرض القصة حيث يقول رحمه الله: (استمررت في تعاطي الحشيش سنتين وفي عام 1994م دخلت السجن أنا وزميلي.. وحكم علينا بالسجن 3 سنوات .. مهما كانت نوع القضية ولكن سببها الرئيسي هو المخدرات .. أكملت داخل السجن سنتين وشملني العفو وخرجت .. وهذه المرة الأولى التي أقع فيها خلف القضبان ).رؤية النيةانتقل كاتب المذكرات عبر مراحل النية في حزن جحيم الأيام الذي ألصقه في قلبه خطأ ما كان ليحدث لولا منزلقات التفكير الذي صافح ذات مساء غرباء الحارة.. يقول:(حين خرجت من السجن لم تكن لدي نية صادقة بترك المخدرات .. وهذا هو السبب الحقيقي الذي جعلني أعود لتعاطي الحشيش.. وفي عام 1997م حصلت على عمل في الصحراء عن طريق أحد الأصدقاء .. جلست هناك ثلاثة أشهر دون أن أتعاطى الحشيش .. وبعد ذلك حصلت على إجازه شهر ورجعت إلى دياري .. ولكن أصحاب السوء عندما علموا بعودتي الى المنزل أتو لزيارتي والسلام علي .. بعد تلك الزيارة مباشرة عدت لتعاطي الحشيش من جديد .. أذكر أني في فترة الإجازة ذهبت الى أحد الأصدقاء "الذي توفي فيما بعد" لأشتري من عنده الحشيش لآخذه معي إلى الصحراء ، وبعد أن وصلت قال : لا يوجد حشيش .. فقط يوجد معي هيروين إن كنت تريد .. قلت له "لا لا" .. أنا لا أتعاطى الهيروين وأنا أعمل في الصحراء ، ومعظم وقتي أقضيه في الطريق .. ذلك أني أعمل كسائق .. وهو السبب الذي جعلني أقول بأن أكثر أوقاتي في الطريق )دوافع النصحفي استمرار للحديث الذي جانبه نصح مرغ كل تراب الصحبة .. واصل المرحوم بث حكايا الليل الآثم بالشبهات .. واصفا قوة أمواج ما حدث له من شدة الرياح بأنه طريق البحث عن طين آمن حيث يقول :(قال لي صديقي: بالعكس .. الهيروين يجعلك "مرتاح البال" وأنت في الطريق .. وقال لي كذا وكذا إلى أن أقنعني للتجربة .. وذهبنا أنا وهو إلى مكان بعيد عن الناس وعن الأنظار .. طلب مني المال قبل كل شيء .. فأخرج من جيبه أدوات التعاطي .. وأنا لأول مرة أرى أمام عيني مثل هذه الأدوات وكنت خائفا جدا .. خائف لأني أعرف وسمعت من قبل بأن كثيرا من المدمنين ماتوا بسبب الإبر أو الهيروين .. حقنت نفسي وأصبحت منذ ذلك اليوم مدمن هيروين عن طريق الحقن .. وكأنني خرجت من عالم إلى عالم آخر .. عالم كله عذاب ومذلة وانتظار .. منذ ذلك اليوم أصبحت جلساتي في الأماكن المشبوهة .. وبعدها انتهت الإجازة لم أذهب الى عملي .. ومن كثر انضباطي في العمل "سابقا" كان المدير يتصل بهاتف المنزل ويسأل عني .. لكن الإدمان جعلني لا أهتم .. كان كل تفكيري في المخدرات .. وانتهت نقودي التي كانت معي .. ماذا أفعل وأنا مدمن؟ كان لدي أصدقاء من نفس المنطقة .. وهم كذلك مدمنين فكنا نفعل المستحيل من أجل الحصول على المال لنشتري بها السموم .. وفي عام 1999م تم إلقاء القبض علينا وحكم علي بالسجن مدة 10 أعوام وزملائي 15 سنة .. والسبب الرئيسي مرة أخرى هي المخدرات)..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق